تائها ما بين .. بين
تائها ما بين .. بين
الكاتب : عبد الرحمن بن صالح العشماوي
ما تركنا الليلَ ممدودَ اليدينْ *** بل فتحنا بابَه للمشرقينْ
وتركنا الشمس تطوي ثوبَه *** وتركناه رهينَ المحبسينْ
وتركنا كلَّ مخدوعٍ به *** حائرًا، يسأل: أين الليلُ، أينْ؟
لا تَسَلْ فالليلُ لا يبقى إذا *** أقبل الفجر عريضَ المنكبينْ
مُشرقَ الوجه على بسمته *** أثر التغريد بين الشفتينْ
حينما اهتزَّ حراءٌ للهدى *** وأضاءَ النورُ وجهَ الأخشبينْ
وارتوتْ مكة من زمزمها *** ورأتْ غارَ حراءٍ رأيَ عينْ
ورأتْ بطحاؤها أن الذي *** ينذر الناسَ نبيُّ الثقلينْ
وسرى الإيمانُ في وجدانها *** يشرح الصدر ويجلو المقلتينْ
لا تسلني ما جرى من بعد ما *** هزَّت الأمجادُ صدرَ الخافقينْ
بعد آلاف البطولات التي *** كتبتْها الشمسُ بين الدَّفتينْ
لا تسلْ عن حالنا من بعد ما *** رفع المجد لنا لافتتينْ
بعد أن سلَّمت الروم لنا *** وبكى قيصرُ بُعْدَ الغُوطتَينْ
لا تسلْ عن حالنا من بعدها *** حين أصبحنا أذلَّ الفرقتينْ
ورفعنا قدْرَ أعداءِ الهدى *** ومنحناهم خَراج الضَّفتَينْ
باعت الأقصى فلا تنظر إلى *** أمةٍ ضحَّتْ بأولى القبلتينْ
أمةٌ لاهيةٌ لا تَعتلي *** ويحَها إلا بحذف النُّقْطَتين
لا تسلْ عن كثرة القوم فلم *** تُجْدِنَا كثرتُنا يوم حُنينْ
إنما ضيَّعنا من قومنا *** مَنْ إلى الأعداءِ أصغى الأذنين
يا بني قومي! أرى سكرتكم *** أنزلتكم عن مقام الفرقدينْ
كيف يُغريكم سرابٌ كاذبٌ *** كيف أحفَيْتُم إليه القدمينْ؟!
يا بني قومي! أفيقوا إنما *** يخسر الجولةَ أغوى الجانبينْ
إن أعداء الهدى لن يرتووا *** لو سقيناهم بماءِ الرَّافدينْ
أو جعلنا كلَّ غربيٍّ على *** بئر نفطٍ وأضفنا حفرتينْ
أيها السائل عني، إنني *** أرقب الأحداث مبسوط اليدينْ
لم أزل أشعر أني مسلمٌ *** للضحايا عنده حقٌ ودَيْنْ
لا تقلْ قد نام حزني إنه *** لم يزل يرمق وجداني بعيْنْ
أيها السائل! خُذْها حكمةً *** واسقِ منها كلَّ غاف شربتينْ
يغرق الإنسانُ في ذلَّتهِ *** حين يبقى تائهًا ما بيْنَ بينْ
http://islamselect.net