زاوية السقوط

Publié par kaddour

ان احدى الغايات التي جاءت بها الشريعة الاسلامية هو بناء مجتمع سليم خال من الافات والامراض الاجتماعية, و من غاياتها زرع الامان والطمانينة في النفوس, وقد سنت الشريعة الاسلامية افضل الطرق وانجعها للوقاية من شرور النفس واهواءها.

الاسلام يقيم مجتمعه على اساس من النظافة والطهر, وذلك بالحيلولة دون المزالق المؤدية الى الجريمة, والاسلام يعمل على ضبط العلاقة بين الرجل والمراة الاجنبية, ويعالج الامراض الاجتماعية كلها, ويضع قواعد العلاج مراعيا جميع ظروف الافراد والمجتمعات, فما يكون منهم صالحا ساعده ان يستمر على صلاحه, ومن يكون منهم غير ذلك, فهيأ له الظروف المناسبة لعلاجها, والاسلام جاء من عند الله رحمة للعالمين, وتبيانا لكل شيىء, حيث لم يغفل جانبا من جوانب حياتنا الا وتطرق لها, وما وجد بيننا من داء اوجد الله له دواء.

 فعندما كان ميل الجنسين الى بعضهم البعض مدفوعا بالغريزة والفطرة, ولكي لاتحيد هذه الغريزة عن طريقها السليم, امرنا الله سبحانه وتعالى ان نلتزم بالاحكام الشرعية الموجودة في القران والسنة الشريفة, فناتي ما امرنا الله به ونجتهد فيما رغب لنا فيه, وننتهي عما نهانا عنه ونقي انفسنا نارا شديدة لظاها.

كان من عظيم حكمته سبحانه وتعالى ان شرع الزواج للجنسين واسماه "الميثاق الغليظ" الا لكي تكون هذه الرابطة من الامور المقدسة التي لايجب الانسان التهاون فيها او العبث بشعائرها, فشرع من الاحكام مايضمن لها استمرارها ويوفر لها الحماية من الاخطار التي قد تنجم تحت ظروف معينة, وجعل المودة والمحبة بين الزوجين كاساس لتنمية هذه العلاقة واستمرارها.

وحفاظا على كيان الاسرة, امر الله تعالى المراة بستر عورتها, ومنع الرجل من الدخول على النساء حتى لاتكون فتنة وفساد كبير, ومن اعظم مانواجهه اليوم هو افة "العشق"  "والحب" و"الميل العاطفي" لاشخاص غرباء واجانب, واعظم الافات ان يكون المصاب بهذا الداء شخصا محصنا, رجلا كان ام امراة .- يعني الميل الذي يحصل بين الزوج وامراة اخرى, او بين الزوجة ورجل غريب عنها- , وينشا هذا الميل من عدم الالتزام بما امرنا الله به وهو "غض البصر" الذي يعتبر سبب معظم مايحصل لنا من شرور.

تشعر البعض من الزوجات بالميل الى شخص غريب, سواء كان من افراد العائلة او من الاقارب والمحارم, فيجدن انفسهن يواجهن اعظم مصائب في حياتهن, يظلن يتململن بين صوت العقل وصوت الشهوة والهوى ,  فيلجان الى طلب الطلاق بعد ذلك.

ان شعور الزوجة بالانجذاب الى شخص غير زوجها هو عبارة عن ميل انحرافي لا اخلاقي تشعر به البعض من الزوجات, وهو نوع من الاختلال يصيب النفس الانسانية, ويطلق على هذا النوع من السلوك "بالخيانة الروحية" , لكن الامر يتعدى هذه التسمية حين تلجا الزوجة الى التفكير بالرضوخ الى هذه الافكار والاستسلام لهذه العواطف المنحرفة.

ينشا هذا الميل سواء عن طريق نظرة  او حركة يلحظها المرء من فرد من جنس اخر, او ينشا هذا الميل عن طريق المعاشرة او الالفة, كان يكون الطرف الذي تميل اليه نفسنا زميل في العمل, او احد اخوي الزوج او الاقارب.

 

 

نموذج حالة:

 

[انا امراة متزوجة ولي اطفال, وزوجي يحسن معاملتي ويهتم بي كثيرا, لكنني اصبحت اجد نوعا من الانجذاب نحو احد اقرباء زوجي الذي يصغرني بعشر سنوات, بعد ان علمت انه وقع في حبي, حاولت ان انزع هذه الفكرة من راسي ولكن لم استطع, انني في حيرة من امري وهل ساطلب الطلاق من زوجي؟]

 

هذه الرسالة نموذج لامراة تشعر بالميل والانجذاب الى شخص من اقارب عائلة الزوج, لم توضح في رسالتها طبيعة علاقة هذا القريب بالعائلة, وطبيعة الصلة التي تربط بهما, والملاحظة او النقطة التي تعطينا مجالا اوسع لدراسة حالة هذه المراة, هو ذكرها للمدة التي تعرفت بهذا الشخص.

والملاحظة الثانية في الرسالة ان هذه الزوجة اختصرت الطريق وعرفت مبتغاها, لهذا فكرت في الطلاق من زوجها, و هي سألت: هل يجوز لها ذلك؟ ومن خلال سؤالها بات من الاكيد ان العلاقة بين هذه الزوجة وهذا القريب ولطول المدة, لم تعد مجرد اعجاب حصل بينهما, ولو كان كذلك, لربما تداركت الزوجة ورجعت عن رغبتها في طلب الطلاق, ولم تفعل ذلك الا بعد حصول حديث بينهما وربما لتقاء او خلوة.

في البداية نحاول ان نعرف طبيعة هذا الشعور المتنامي في نفس الزوجة من خلال شخصية ثانية جسدها لنا اديب مصري مشهور, يصف فيها حال الزوجة لما تصاب بمثل حال هذه الزوجة, وكيف يتنامى ذلك الشعور في النفس ان لم يتدارك من قبل صاحبه والى ماذا يؤدي؟

يصف الاديب المصري "توفيق الحكيم" في رائعته "الرباط المقدس" شعور امراة متزوجة تقف الى جنب زوجها, تلتقي نظراتها نظرات شاب اخر اعجبت به فتقول [ حينما جلست على الطاولة في المقهى الى رفقة زوجي, لم اشعر الا وعيناي تقعان على حين غرة على شخص, شاب وسيم , صاحب عينان براقتان تاسر من اول اللحظات, بديع القسمات ومنتظم الملامح, معتدل القد...حولت في الحال عيني الى جهة اخرى, ولكن على الرغم من ذلك, فان نظراتنا تقابلت غير مرة,,, لقد حدث في نفسي شيىء لايمكن تفسيره,,,شيىء عميق غامض, جذبني جذبا الى ناحيته, وبغير ان يقوم بيننا تعارف شخصي, شعرت لفوري انني واقعة  تحت تاثيره. لاادري كيف استطاع تحويلي الى انسانة اخرى, نست انها تجلس على الطاولة برفقة زوجها,,,استطاع تحويلي الى دمية, يعبث بها كيفما له شاء, وسرق مني شرودي ورحل, وتركني غارقة في بحر من الاحلام, تركني جسدا خاويا الى رفقة ذلك الرجل (زوجي), لايعلم ما انا فيه من التفكير,,,

سالني زوجي عن مابي, وفيم شرودي وصمتي,,,فلم يجد مني الا امتناعا عن الكلام, والتجاوب مع اسالته التي باتت اثقل من الجبال,,,وفي كل محاولة له لمعرفة مابي, وفي كل خطوة منه تنم عن مدى اهتمامه بي ومدى تاثره لحالي,,,كنت احاول ان اصرخ عاليا, واريد ان انتزع روحي من جلدي, وانا ارى صاحب النظرات الساحرة يدفع لصاحب المحل ويريد الانصراف, وانا لااعلم ان كنت سالتقيه ام لا؟كدت اقول لزوجي انت السبب فيما انا فيه من تعاسة وضيق.

لقد شعرت تلك الليلة انني فريسة عواطف شتى حلوة وغريبة,, ما استطعت لحظة ان اصرف ذهني عن التفكير في هذا الرجل, لقد جثم طيفه على مخيلتي وجعلت صورته تتبعني بغير انقطاع, ذلك ان كل شيىء فيه يعجبني, نظرته وصورته وايماءاته, وظللت اروح في الغرفة واجيىء بعد ذهابنا الى المنزل وشتى افكار تدور في راسي, لم استطع الرقاد تلك الليلة, ولم اكف عن المشي في الغرفة, حتى صاح بي زوجي اخر الامر "عجبا لك"  الا ترقدين؟ مالك تدورين هكذا؟ وكدت اقول له: ان الذي بي ياسيدي الزوج, اني لو وجدت في فراشي رجلا مثل <<  ؟ >> لكنت قد رقدت منذ زمن طويل]

تتساءل البعض من الزوجات وحتى النساء العازبات عن ميل المراة الى رجل غير زوجها, وهل يعتبر ذلك خيانة؟ وقبل الاجابة على هذا السؤال لابد من طرح اسئلة اخرى و نقوم الاجابة عليها, حتى تتضح لنا المسئلة اكثر.

1- هل ميل الزوجة الى شخص غير زوجها نابع من حالة نفسية لاشعورية, متعلقة بالوهم والتصورات فقط, ام يرجع الى طبيعة تفكير الزوجة, ورغبتها في ملىء احتياجاتها العاطفية؟

2- هل يحقق هذا الميل العاطفي الاشباع الضروري للشخص الذي يشعر بالانجذاب للغير؟

3- وهل يؤثر هذا الميل على علاقة الزوجة بزوجها؟

لانتكلم عن الميل الانحرافي الذي تبتغيه المراة لنفسها, حين تعمد الى اتخاذ رفيق او انيس الى جنب زوجها, وترى ان لابد ان تكون لها حريتها باتخاذها الرفقان والخلان في اماكن العمل او اماكن الراحة التي تريد قضاء جزء من وقتها فيه, وترى ان قلبها لابد ان يكون حرا من قيود الزواج ومن تبعيته العاطفية للزوج.

Publié dans ادبيات

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :